هي وحدها الكفيلة بإماطة اللثام بشكل دقيق عن مصادر هذا الكتاب أو ذاك خاصة كتب الجغرافيا التي تشكل مصادرها الرئيسة غابة مظلمة متشابكة الأشجار نركز منها على المصادر المفقودة. وننقل أخيرا رأي كراتشكوفسكي في إلقاء الضوء على هذا الأمر الذي يقول فيه:" لا ريب في أن مخطوطة تومانسكي (يعني حدود العالم) المجهولة المؤلف كانت ذا أثر فعال في الأدب الجغرافي التالي لها، غير أن مسألة إلقاء ضوء على هذه الحقيقة مسألة عسيرة تتطلب فحص مصادر عامة ليست معروفة في مجموعها لنا مثل المسودة المكملة لابن خرداذبه أو مصنّف الجيهاني"«١» .
أما لغة الكتاب فرغم أنه بالفارسية إلا أنه" وجد زعم يقول بأنه ترجم عن العربية في الأصل"«٢» ، ولقد وجدنا بحثا لأستاذ من إحدى جامعات بنارس الهندية يدل على اعتقاده بعروبة مؤلف الكتاب «٣» ، عنوان البحث هو:" وصف الهند في كتاب حدود العالم لجغرافي عربي مجهول الاسم في القرن التاسع"، ومع ذلك فالمسألة لا يمكن البت فيها بسهولة.
وهناك مسألة اقتباسه من كتاب الآثار العلوية لأرسطو (الفصل ٢، الفقرة ٤) وهو المصدر الوحيد الذي ذكر اسمه في كتابه. فالنص لديه طويل نسبيا قياسا إلى ما هو موجود لدى أرسطو الذي نجد لديه ما يلي:" ينبوع جميع المياه وابتداؤها من البحر الذي يسمى طرطاروس العميق، البعيد الغور الغزير الماء. ومنه ابتداء جميع المياه الجارية وغير الجارية وهو مستقرها، وذلك أنه ينقسم لسائر البحار وإلى وسطه تندفع المياه، لأن جميع المياه ترجع إلى مواضعها الخاصة التي هي ابتداء فصولها وأوائل حركاتها"«٤» . ولا ندري إن كان المقصود بذلك هو هذا النص الذي أوردناه عن أرسطو ثم أضيفت إليه إضافات أم غيره.
لقد قلنا فيما مضى من هذه المقدمة إنه يصعب البتّ في مسألة نقل حدود العالم بشكل مباشر عن كتاب البلخي أم بشكل غير مباشر عن البلخي بواسطة النقل عن كتاب الإصطخري، ونعزز كلامنا بأن نقارن مادة" آمل" في كلا المصدرين: