عبد الله إنه ونفرا من قومه ركبوا البحرن وإن البحر أظلم عليهم أياما ثم انجلت عنهم الظلمة وهم قرب قرية قال عبد الله: فخرجت ألتمس الماء فإذا أبواب المدينة مغلقة تجأجأ فيها الريح فهتفت بها فلم يجبني أحد فبينا أنا كذلك إذا طلع علي فارسان تحت كل واحد منهما قطيفة بيضاء فسألاني عن أمري فأخبرتهما بالذي أصابنا في البحر وإني خرجت أطلب الماء فقالا لي: يا عبد الله! أسلك في هذه السكة فإنك ستنتهي إلى بركة فيها ماء فاسق منها ولا يهولنك ما ترى فيها ن قال: فسألتهما عن تلك البيوت المغلقة التي تجأجأ فيها الريح فقالا: هذه بيوت فيها أرواح الموتى.
قال: فخرجت حتى انتهيت إلى البركة فإذا فيه رجل معلق مصلوب على رأسه يريد أن يتناول الماء بيده وهو لا يناله فلما رآني هتف بي وقال: يا عبد الله اسقني وقال: فغرقت بالقدح لأناوله فقبض بيدي فقال: بل العمامة ثم ارم بالقدح لأونالك فقبضت يدي ثم بللت العمامة لأرمي بها إليك فقبضت يدي فأخبرني من أنت؟ فقال: أنا ابن آدم أنا أول من سفك دما في الأرض.
وروى أبو نعيم بإسناده عن ابن وهب حدثنا عبد الرحمن بن زيد نب أسلم قال: بينما رجل في مركب في البحر إذا انكسر بهم مركبهم فتعلق بخشبه فطرحته في جزيرة فخرج يمشي فإذا هو بماء فتبعه فدخل في شعب فإذا برجل في رجليه سلسلة منوط فيها بينه وبين الماء شبر فقال: اسقني رحمك الله قال: فإخذت ملء كفى ماء فرفع بالسلسلة فذهب بالماء فلما ذهب الماء حط الرجل قال: ففعلت ذلك ثلاث مرات أو أربعا قال: فلما رأيت ذلك منه قلت له: ما لك ويحك؟ قال: أنا ابن آدم الذي قتل أخاه والله ما قتلت نفس ظلما منذ قتلت أخي إلا يعذبني الله بها لأني أول من سن القتل.
وروى عاصم بن محمد الرازي في كتاب الرهبان حدثنا عصمه العباداني قال: كنت أجول في بعض الفلوات إذ نظرت ديرا وفيه صومعة وفيها راهب فناديته فأشرف علي فقلت له: من أين تأتيك الميرة؟ قال: من مسيرة شهر قلت: حدثني بأعجب ما رأيت في هذه المواضع قال: بينا أنا ذات يوم أدير بصري في هذه البرية