للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسرائيل.

وروى ابن أبي الدنيا من طريق ابن عمر صاحب السفلى - قال: نزل ابن عمر إلى جانب قبور دراسة فنظر إلى قبر منها فإذا هو بجمجمة بادية فأمر رجلا فواراها قال: إن هذه الأبدان ليس يضرها الثرى شيئا وإنما الأرواح التي تعاقب وتثاب إلى يوم القيامة.

وروى محمد بن سعد عن الواقدي حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معادن قال لما انهزمت الروم يوم أجنادين انتهوا إلى موضع لا يعبره إلا إنسان فجعلت الروم تقاتل عليه فتقدم هشام بن العاص فقاتلهم حتى قتل ووقع على تلك الثملة فسدها فلما انتهى المسلمون إليها هابوا أن يوطئوه الخيل فقال عمرو بن العاص: إن الله قد استشهده ورفع روحه وإنما هو جثة فأوطئوه الخيل ثم أوطأه وتبعه الناس حتى قطعوه.

وهذه الآثار لا تدل على أن الأرواح لا تتصل بالأبدان بعد الموت إنما تدل على أن الأجساد لا تتضرر بما ينالها من عذاب الدنيا وإنما هو نوع آخر يصل إلى الميت بمشيئة الله قدرته.

وقولهم: الأرواح عند الله تعالى تعاقب وتثاب لا ينافي أن تتصل بالبدن أحيانا فيحصل بذلك إلى الجسد نعيم أو عذاب وقد تستقل الروح أحيانا بالنعيم والعذاب إما عند استحالة الجسد أو قبل ذلك.

وقد أثبتت طائفة أخرى النعيم والعذاب للجسد بمجرده من غير اتصال الروح له ومن ذكر ذلك من أصحابنا: ابن عقيل في كتاب الإرشاد وانب الزغواني وحكي عن ابن جرير الطبري - أيضا - وذكر القاضي أبو يعلى أنه ظاهر كلام الإمام أحمد فإنه قال في رواية حنبل: أرواح المؤمنين في الجنة وأرواح الكفار في النار والأبدان في الدنيا يعذب الله من يشاء ويرحم من يشاء منها بعفوه.

قال القاضي: ظاهر هذا أن الأرواح تعذب وتنعم على الإنفراد وكذلك الأبدان إذا كانت باقية أدى إلى الأجزاء التي استحالت قال: ولا يمنع أن يخلق في الأبدان إدراك تحس به النعيم والعذاب كما خلق في الجبل لما تجلى له ربه ثم جعله دكا.

وقال القاضي أبو الحسين: ولأنه لما لم يستحل نطق الذراع المسموم ولم ويستحل عذاب الجسد

<<  <   >  >>