للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تعالى يبين لقريش أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسوله الأمين، ما أضاع الحق الذي أرسل به، ولا ابتعد عن الطريق الصحيح في دعواه النبوة، ودعوته لكم بتوحيد الله تعالى، وقال عنه"صاحبكم" يعني الذي صحبكم وصحبتموه في طفولته وصباه وشبابه، ورجولته، وعرفكم بكل ما عندكم من العقائد والعبادات والعادات، وعرفتموه بالعقل الصريح، والرأي السديد، والأمانة التامة، والصدق الكامل، ولم يتبع سبل الغواية، والفساد التي تعرفونها تمام المعرفة، وإنما الذي دعاكم به، وخاطبكم به إنما هو وحي من عند الله تعالى يوحيه إليه، فهو لا يتكلم عن هوى نفسه، وأمنياته التي تتصورونها يطلب بذلك مكانة من الدنيا، فيكذب أو يفتري على الله تعالى، بل هو بار راشد صادق لا ينطق إلا عن الوحي الذي يأتيه، سواء أكان هذا الذي يتكلم به من عنده أم كلاماً ينسبه إلى الرب سبحانه.

والدليل على أن المقصود بالوحي هنا الكتاب والسنة أنه صلى الله عليه وسلم لما جمع قريشاً ودعاهم إلى التوحيد تحدث إليهم بحديثه، ولم يخاطبهم بآيات من القرآن الكريم.

[انظر الأحاديث الواردة في أول الدعوة (١) ] وقال عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما-: " كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا! فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول


(١) انظر الإعجاز العلمي في السنة النبوية ١/٢٧-٢٨،والتخريج ١/١٥٢-١٥٧.

<<  <   >  >>