فالسنة النبوية هداية للأمة في طريق الحياة الذي تحياه، تدلها على أفضل السبل، وتأخذ بأيديها إلى ما فيه خيرها في الدار الدنيا والدار الأخرى، ولذلك من أراد معرفة طرق الدعوة إلى الله تعالى، وإلى دينه وشريعته، فما عليه إلا أن يدرس حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، فإنه واجد فيها ما يريد من أصول الترغيب والترهيب، وضرب المثل، وإيراد القصص الهادف، وانتهاز الفرص.... إلى ما هنالك من الأساليب الدعوية الناجعة، والناجحة، والتي أثمرت خير قرن وجد فوق هذه الأرض بتربية هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد أرسله الله داعياً إلى الحق قال تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[المؤمنون: ٧٣] .
وأما الوجه الرابع: من وجوه الإعجاز وهو كونه ذا شرف ورفعة:
فكذلك السنة النبوية لها شرف، وتورث من اشتغل بها، وقام بخدمتها، وأفاد الناس بما فيها، وطبق أحكامها، ونشر نصوصها بين الناس.. شرفاً ومكانة ورفعة، وقد سبق ذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "نضر الله امرءاً سمع مني حديثاً فبلغه كما سمعه.." فهو يدعو لمن بلغ حديثه أن يرزقه الله نضارة في وجهه، فكيف بمن دافع عنها، وطبقها في حياته، وعلمها الناس؟! أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل السنة النبوية الذين تهمهم، ويهمهم أمرها وتصحيحها والسهر على خدمتها، إنه سميع مجيب، هذا وقد ألف حافظ المشرق الخطيب البغدادي–يرحمه الله- كتاباً أسماه"شرف أصحاب الحديث" بين فيه الآثار الواردة في فضل أهل الحديث، كما ألف حافظ المغرب الإمام ابن عبد البر الأندلسي-يرحمه الله- كتابه"جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله".