فيه، أو الزعم بأنه من أمور الدنيا التي يمكن أن يخطئ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) ، وقد أوردت في كتابي المذكور بعضاً من الأمور التي وردت في السنة النبوية، وأرجو الله تعالى أن يمكنني أو غيري من استخراج كل الأمور العلمية التي سبق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عصره بالإخبار عنها.
وأما الوجه الثالث: وهو: كون السنة هدى، فالقرآن قد نص في بيانه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي إلى الطريق الحق كقوله تعالى:{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم: ١] وقال -جل ثناؤه-: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}[الشورى: ٥٢-٥٣] .
(١) وهنا أريد أن أنبه أن من يزعم أن رسول الله في إخباره عن بعض الأمور كان مخبراً عن أمور دنيوية لا علاقة لها بالشرع قد أخطأ خطأً فاحشاً في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه بوصف لا يجوز أن يتصف به الإنسان العدل فكيف برسول رب العالمين الذي كان خليل رب العالمين! وليعلم هذا القائل بهذا أن الخبر يفيد الصدق والكذب إن كان من غير الشارع، أما من الشارع فالخبر لا يفيد إلا الصدق، سواء أكان ذلك يتعلق بأمور الدنيا أم يتعلق بأمور الآخرة أعاذني الله وإياك من أن نخطئ في حق الله تعالى، أو في حق رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم.