وقد عمل هؤلاء المصنفون في الغالب الأعم على إتمام الصرح الذي شيده أئمة القرن الثالث وإكماله، فجاءت كتب هؤلاء مرتبطة بمؤلفات ذلك القرن جزئيا أو كليا، ووجدت في ذلك اتجاهات متعددة كان منها اتجاه ارتبط بنفس الفكرة والهدف اللذين كانا لدى بعض أعلام القرن الثالث فألف على منوالهم بقصد إكمال المشروع الذي بدؤوه؛ ومن أشهر المصنفين في إطار هذا الاتجاه أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت٣١١هـ) ، وأبو علي سعيد ابن عثمان بن سعيد بن السكن (ت٣٥٣هـ) وأبو حاتم محمد بن حبان البستي (ت٣٥٤هـ) ، فهؤلاء جميعا صنفوا في الصحيح المجرد كالبخاري ومسلم وهم وإن كانوا لم يشترطوا في الصحة درجة الشيخين، ولوحظ لدى بعضهم تساهل فقد قيل: إن أصح مَنْ صَنَّفَ في الصحيح بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان.
وقد بيَّن ابن خزيمة مقصده من الكتاب وشرطه فيه بعبارة جد مقتضبة فقال في أول كتاب الوضوء:"مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل موصولا إليه صلى الله عليه وسلم من غير قطع في أثناء الإسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار"(١) ، بينما سمَّى ابن حبان كتابه التقاسيم والأنواع ونص فيما يخص الشرط على نفس ما نص عليه ابن خزيمة تقريبا، فقال في المقدمة:"ثم نملي الأخبار بألفاظ الخطاب بأشهرها إسناداً وأوثقها عماداً من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها..".
وقد أبان عن الدافع الذي دفعه إلى وضع هذا الكتاب بقوله: "وإني لما