للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رأيت الأخبار طرقها كثرت ومعرفة الناس بالصحيح منها قلت: لاشتغالهم بكتبة الموضوعات وحفظ الخطأ والمقلوبات، حتى صار الخبر الصحيح مهجوراً لا يكتب، والمنكر المقلوب عزيزا يستغرب، وأن من جمع السنن من الأئمة المرضيين، وتكلم عليها من أهل الفقه والدين، أمعنوا في ذكر الطرق للأخبار، وأكثروا من تكرار المعاد للآثار؛ قصداً منهم لتحصيل الألفاظ على من رام حفظها من الحفاظ، فكان ذلك سبب اعتماد المتعلم على ما في الكتاب وترك المقتبس التحصيل للخطاب فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين وأمعنت الفكر فيها؛ لئلا يصعب وعيها على المقتبسين".

وإنما سماه التقاسيم والأنواع لأنه رتبه بطريقة مخترعة لم يسبق إليها، فلا هي على الأبواب ولا هي على المسانيد بل هي تقسيم أصولي فريد جاء على صورة بَيَّنها بقوله: "فرأيتها تنقسم خمسة أقسام متساوية متفقة التقسيم غير متنافية. فأولها: الأوامر التي أمر الله عباده بها والثاني: النواهي التي نهى الله عباده عنها والثالث: إخباره عمَّا احتيج إلى معرفتها، والرابع: الإباحات التي أبيح ارتكابها والخامس أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التي انفرد بفعلها، ثم رأيت كل قسم منها يتنوع أنواعا كثيرة، ومن كل نوع تتنوع علوم خطيرة ليس يعقلها إلا العالمون الذين هم في العلم، راسخون دون مَنْ اشتغل في الأصول بالقياس المنكوس، وأمعن في الفروع بالرأي المنحوس، وإنا نملي كل قسم بما فيه من الأنواع وكل نوع بما فيه من الاختراع الذي لا يخفى تحضيره على ذوي الحجا، ولا تتعذَّر كيفيته على أولي النهى، ونبدأ منه بأنواع تراجم

<<  <   >  >>