للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أسباب نشأة ظاهرة التشكيك في خبر الآحاد

من أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور التشكيك في خبر الآحاد خاصة وفي السنة عامة:

١ – ظهور قرن الفتنة التي عصفت بالأمة منذ مقتل عثمان رضي الله عنه، فالخوارج أدت بهم قضية "التحكيم" إلى تجريح الصحابة، لأنهم رضوا بالتحكيم، والروافض جرحوا كثيراً من الصحابة إلا علياً وأبناءه وشيعته، وكان من منهجهم ألا يقبلوا من الأحاديث إلا ما جاء عن طريق آل البيت (١) .

٢ – طغيان المنهج العقلي في التعامل مع السنة، ولا سيما عند المعتزلة الذين جعلوا دلالة العقل أولى الدلالات، فالأدلة عندهم على الترتيب هي: "حجة العقل والكتاب والسنة والإجماع" (٢) .

وقد رأى القاضي عبد الجبار-وهو أحد أقطابهم- أن خبر الآحاد لا يعلم كونه صدقاً ولا كذباً فيلجأ فيه إلى الحجة العقلية التي هي الدليل الأول "فإن لم يكن موافقاً لها كان الواجب أن يرد! وأن يحكم أن النبي لم يقله، وإن قاله فإنما قاله حكاية عن غيره!! " (٣) .

ومن نتائج طغيان هذا المنهج أن خبر الواحد يمكن أن يكون في نفس


(١) انظر خبر الواحد في: التشريع الإسلامي وحجيته للقاضي برهون ص ٧٧ وص ٢٨٣.
(٢) شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص ٨٨.
(٣) شرح الأصول الخمسة ص ٧٧٠، وانظر أمثلة لردهم الأحاديث المخالفة للمعقول في الاعتصام للإمام الشاطبي ١/٢٣١ وما بعدها.

<<  <   >  >>