للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المتواترة أو المشهورة من حديث منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونصه: "تكثر الأحاديث لكم بعدي، فإذا روي لكم عن حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه، واعلموا أنه مني، وما خالفه فردوه، واعلموا أني منه بريء" (١) .

لكن هذا الحديث غير صحيح، فقد قال عنه يحيى بن معين: إنه موضوع وضعته الزنادقة، وقال عنه الشافعي: ما رواه أحد عمن يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير، ونقل الحافظ ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله عن عبد الرحمن بن مهدي قوله: "الزنادقة والخوارج وضعوا حديث: ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فأنا لم أقله" (٢) .

على أن أسلوب هذا الحديث يوحي بالاختلاق والوضع!

وقد توسع الحنفية في ردِّ بعض أخبار الآحاد، لا لأن منهجهم هو ردُّ أخبار الآحاد، كما هو منهج المبتدعة، لكن لاعتبارات علمية ومنهجية لم يسلمها لهم غيرهم، فمتأخرو الحنفية ردوا خبر الواحد إذا كان في ما تعم به البلوى" (٣) .


(١) أصول السرخسي ١/٣٦٥ مفتاح الجنة السيوطي ص٣٦، وقد استشهد أبو يوسف بنص هذا الحديث انظر كتاب سير الأوزاعي في الأم ٧/٣٠٨، وانظر دراسات في السنة لأستاذنا د/محمد بلتاجي حسن ص٩٩.
(٢) جامع بيان العلم ٢/١٩١.
(٣) قال ابن القيم: "وحكوه عن أبي حنيفة وهو كذب عليه وعلى أبي يوسف ومحمد، فلم يقل ذلك أحد منهم ألبتة، وإنما هذا قول متأخريهم، وأقدم من قال به عيسى بن أبان، وتبعه أبو الحسن الكرخي وغيره" مختصر الصواعق المرسلة ص ٥٠٩.

<<  <   >  >>