للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يرفض العمل بخبر الواحد أصلاً، ومذهب مَنْ يرفضه إذا عارضه ما هو أقوى منه، كما هو مذهب أبي حنيفة مثلاً، وكما نسب إلى الإمام مالك في تقديم ظاهر القرآن الكريم على خبر الواحد.

وتجب ملاحظة هذه التفرقة حتى لا يظن بمثل أبي حنيفة أنه من الرافضين لحجية خبر الواحد، فهو رحمه الله إمام أهل الرأي، ويحتل القياس عنده مكانة بارزة في الاستدلال، ومع ذلك يقدم خبر الواحد على القياس، ومعه في هذا التقديم الإمامان محمد وأبو يوسف، وهذا من أقوى البراهين على حجية خبر الآحاد عندهم.

غير أن المشكل – منهجياً - أن هناك ما يشبه خيطاً رابطاً بين اتجاه من يرفض حجية خبر الواحد جملة، واتجاه من يرفض حجيته إذا عارضه ما هو أقوى منه، من الكتاب أو السنة المتواترة أو المشهورة، وهو ما يدخل في ما يطلق عليه "تعارض الأخبار" وقد ميَّز الإمام الشافعي بين الاتجاهين لما قال لمناظره: "قد أجد الناس مختلفين فيها (أي السنة) منهم من يقول بها، ومنهم من يقول بخلافها، فأما سنة يكونون مجتمعين على القول بخلافها فلم أجدها قط" (١) .

ويتمثل هذا الخيط الرابط بين الاتجاهين في مبدأ رد خبر الواحد، وفي مبدأ اتساع رقعة هذا الرد، وفي أدلة الرد، وأظهر هذه الأدلة ما استشهد به أصوليو المذهب الحنفي لردِّ خبر الواحد إذا تعارض مع الكتاب والسنة


(١) الرسالة ص ٤٧٠.

<<  <   >  >>