للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ودليل الحج قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} .

ــ

وقوله: "َودَلِيلُ الْحَجِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ١" الحج هو: قصد مكة لأداء مناسك الحج في زمن مخصوص. وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} على: للوجوب، والمراد بالناس: بنو آدم، مؤمنهم وكافرهم؛ لأن الله قال: {عَلَى النَّاسِ} فالحج يجب على المؤمن والكافر. وهذا من الأدلة التي تدل على أن الكفار مخاطبون بالأوامر كما تقدم. ومعنى {حِجُّ الْبَيْتِ} ، أي: قصد الكعبة لأداء مناسك الحج. {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ، يعني: من أطاق الوصول إليه، والمراد بالسبيل: الطريق، فإذا استطاع الإنسان الطريق الذي يوصله إلى البيت وجب عليه الحج.

فإن الله جل وعلا "غني" عن العالمين، أي: كثير الخير لا يحتاج إلى أحد من الخلق سبحانه وتعالى. فمن ترك الحج ممن يجب عليه كفر. لكن إن كان تركه له إنكاراً لوجوبه فهذا كفر أكبر مخرج من الملة، وإن كان تركه للحج غير منكر لوجوبه فقد نص العلماء على أن هذا كفر أصغر لا يخرج عن الملة٢. وإطلاق كلمة "كفر" على بعض الأعمال التي لا


١ سورة آل عمران، الآية: ٩٧.
٢ هذا قول في المسألة، ويرى آخرون أن من ترك شيئاً من أركان الإسلام الخمسة عمداً أنه كافر. وقد تقدم ذكر ذلك. راجع "جامع العلوم والحكم" لابن رجب: شرح الحديث الثالث.

<<  <   >  >>