للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[توحيد الربوبية وأدلتة]

...

الأُولَى: أَنَّ اللهَ خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَلَمْ يَتْرُكْنَا هملاً،

ــ

وهذه المسائل الثلاث مسائل عظيمة لابد من تعلمها والعمل بها؛ لأنها قاعدة الدين وأساس العقيدة، فـ "الأولى" التي هي توحيد الربوبية "أن الله خلقنا وورزقنا ولم يتركنا هملاً"، هذه ثلاثة أمور:

الأولى: أن الله تعالى خلقنا، والدليل على أن الله خلقنا هو السمع والعقل، أما السمع فآياته كثيرة كقوله تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ١، وقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ٢، أما العقل فقد دل عليه قول الله تعالى في سورة الطور: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} ٣، ففي هذه الآية دليل عقلي على أنه لابد من خالق، وأنه لم يوجد هذا الكون صدفة؛ لأن القسمة العقلية تقتضي ثلاثة أمور لا رابع لها: إما أننا خلقنا بدون خالق، وهذا لا يمكن؛ لأن الخلق لابد أن يتعلق بخالق كالتحريك يتعلق بمحرك، فلا يمكن للشيء أن يتحرك من مكانه إلا بوجود محرك له، وهذا أمر ضروري يعرفه العقلاء، فكوننا خلقنا بدون خالق هذا لا يمكن، والناس بمقتضى عقولهم –حتى المعاندون منهم- يعرفون هذا، فلو قيل لشخص: إن هناك قصراً من القصور الذي جهز بكل ما تشتهيه الأنفس وتتمناه، ولكن هذا القصر وجد صدفة بدون بناء ولا إعداد لبادر الناس إلى التكذيب، وقالوا: هذا لا يمكن؛ لأن القصر يحتاج إلى بناء، وما فيه يحتاج إلى إعداد، فلابد من عمال وصُناع.


١ سورة الذاريات، الآية: ٥٦.
٢ سورة الزمر، الآية: ٦٢.
٣ سورة الطور، الآية: ٣٥.

<<  <   >  >>