للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أركان الإيمان. قال تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} يعني: ليس البر في التوجه إلى جهة المشرق أو المغرب، ولكن البر الحقيقي في الإيمان وتوابع الإيمان من الأعمال الصالحة، أما مجرد الاتجاه فهذا لا يدل على المقصود وإلا فقد ذكر العلماء أن اليهود يتجهون إلى المغرب والنصارى يتجهون إلى المشرق. ولكن الله نفى أن يكون هذا هو البر؛ لأنهم لم يحققوا الإيمان بالله والملائكة والكتاب والنبيين ... إلخ؛ فلهذا نفى الله تعالى عن عملهم هذا وقال: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} ، و"البر" بالنصب خبر مقدم لـ"ليس"، و"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر اسمها مؤخر، والتقدير: "ليس البر تولية وجوهكم"، والبر: اسم جامع لكل عمل من أعمال الخير من العقائد والأعمال. وقد نقل ابن كثير في "تفسيره" عن سفيان الثوري أنه قال: "هذه أنواع البر كلها". وقال ابن كثير: "من اتصف بهذه الآية فقد دخل في عرى الإسلام كلها وأخذ بمجامع الخير كله"١.


١ ورد في هذه الآية حديث أبي ذر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما الإيمان؟ فتلا عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية. ولكن قال ابن كثير: إن هذا الحديث منقطع؛ لأنه من رواية مجاهد عن أبي ذر. ومجاهد لم يدرك أبا ذر فإنه مات قديماً. هكذا قال الحافظ ابن كثير. أما الحافظ ابن حجر فقد ذكر الحديث في "فتح الباري" وقال: "رجاله ثقات وإنما لم يخرج البخاري؛ لأنه ليس على شرطه". وقد أشكلت علي هذه العبارة "لأنه ليس على شرطه"؛ لأن ظاهرها أن الحديث صحيح إذ لو كان الحافظ يرى أن الحديث منقطع لم يقل لأنه ليس على شرطه. وكلمة رجاله ثقات ليست دليلاً على اتصال السند ولا على صحة الحديث كما هو معروف في علم المصطلح. ثم رأيت في إتحاف المهرة "١٤/١٨٣" للحافظ ابن حجر ما يوافق كلام ابن كثير. والله أعلم.

<<  <   >  >>