قوله:"لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ منا أحد" هذا متضمن معنى التعجب، فهو غريب عليهم، لكن لا يرى عليه أثر السفر. وقد نفى عمر رضي الله عنه أن يعرفه أحد الحاضرين، وهذا قد يشكل في ظاهره، لكن ورد رواية:"فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا: ما نعرف هذا ... " فأفادت أن عمر حكم بذلك استناداً لما قاله الحاضرون.
قوله:"حتى جلس إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ ركبتيه إلى ركبتيه" الضمير المجرور في قوله: "فأسند ركبتيه" يعود إلى الرجل. والضمير في قوله:"إلى ركبتيه" يعود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والمعنى: أنه جلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم كما يجلس الإنسان في الصلاة في التشهد أو في الجلوس بين السجدتين، فجلس قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله:"ووضع كفيه على فخذيه" في قوله: "على فخذيه" احتمال. فإما أن المراد: فخذا نفسه، والمعنى: وضع كفيه على فخذي نفسه، وإما أن المراد: وضع كفيه على فخذي النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه أراد بهذا أن يكون منتبهاً ومصغياً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقال بعض العلماء: بل يحتمل أنه أراد زيادة التعمية في أمره، وأنه أعرابي وصل إلى هذا الحد من الجفاء فوضع يديه على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم. وكثير من الشراح يرجحون أن الضمير يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما ورد في بعض الروايات كما عند النسائي قال:"ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم"١. وهذه تزيل الإشكال. ولو كانت هي الرواية