للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهي باقية إلى أن تقوم الساعة.

ــ

قوله: "وهي باقية إلى أن تقوم الساعة"، أي: أن الهجرة وهي الانتقال من بلد الكفر والشرك إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة باتفاق أهل العلم، وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم مخافة أن يفتتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية١.

قال الحافظ ابن حجر: أشارت عائشة إلى بيان مشروعية الهجرة، وأن سببها خوف الفتنة. والحكم يدور مع علته، فمقتضاه أن من قدر على عبادة الله في أي موضع اتفق لم تجب عليه الهجرة منه وإلا وجبت٢.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أحوال البلاد كأحوال العباد، فيكون الرجل تارة مسلماً، وتارة كافراً، وتارة مؤمناً، وتارة منافقاً، وتارة براً تقياً، وتارة فاسقاً، وتارة فاجراً شقياً، وهكذا المساكن بحسب سكانها فهجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة كتوبته من الكفر والمعصية إلى الإيمان والطاعة. وهذا أمر باق إلى يوم القيامة"٣. وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "لا هجرة بعد الفتح" ٤، فالمقصود به لا هجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها صارت دار إسلام. وكل بلد يفتح ويكون بلد إسلام فإن الهجرة لا تجب منه.


١ "صحيح البخاري": "٧/٢٢٦-فتح".
٢ "فتح الباري": "٧/٢٢٩".
٣ "مجموع الفتاوى": "١٨/٢٨٤".
٤ أخرجه البخاري: "٦/١٨٩"، ومسلم: "رقم١٨٦٤".

<<  <   >  >>