للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على بصيرة. والمسألة الثالثة في قوله: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} . والرابعة في قوله: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} .

وقوله تعالى: {وَالْعَصْرِ} هذا قسم، والعصر المراد به: الزمن الذي تقع فيه الأحداث من خير أو شر. أقسم الله به؛ لأن أفعال الناس وتصرفاتهم كلها تقع في هذا الزمن فهو ظرف يودعه العباد أعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر فهو جدير أن يقسم به. وقيل: {وَالْعَصْرِ} ما بعد العشي وهو آخر النهار، ومنه صلاة العصر، والأول هو الأظهر في معنى الآية، والله أعلم١.

وجواب القسم قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} ، فالله تعالى يقسم بالعصر على أن الإنسان في خسر. والألف واللام للاستغراق والشمول بدليل الاستثناء بعده، أي: كل إنسان في خسر، كقوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} ٢.

والخسر: هو النقصان والهلكة؛ لأن حياة الإنسان هي رأس ماله، فإذا مات ولم يؤمن ولم يعمل صالحاً خسر كل الخسران.

ولم يبين هنا نوع الخسران في أي شيء بل أطلق ليعم، فقد يكون مطلقاً كحال من خسر الدنيا والآخرة وفاته النعيم، واستحق الجحيم وقد يكون خاسراً من بعض الوجوه دون بعض.


١ انظر: "التبيان في أقسام القرآن": "ص٦١".
٢ سورة النساء، الآية: ٢٨.

<<  <   >  >>