للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَالنَّاسُ إِذَا مَاتُواْ يُبْعَثُونَ. وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} . وقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} .

ــ

وقوله تعالى: {وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} ، أي: سيموتون. وينقلون من هذه الدار لا محالة كما قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} ١، وقوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} ، أي: يوم القيامة في ساحة فصل القضاء تختصمون إلى الله تعالى، وتحتكمون إليه فيما تنازعتم فيه؛ فيفصل بينكم بحكمه العادل. والآية شاملة لكل متنازعين في الدنيا من المؤمنين والكافرين فإنها تعاد عليهم الخصومة في الدار الآخرة. دل على ذلك حديث الزبير رضي الله عنه قال: لما نزلت {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} قال الزبير: يا رسول الله، أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا؟ قال نعم، فقال: إن الأمر إذاً لشديد٢.

وهذه الآية التي ساقها الشيخ رحمه الله هي أحدى الآيات التي استشهد بها الصديق رضي الله عنه عند موت النبي صلى الله عليه وسلم، حتى تحقق الناس موته مع قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} ٣.

قوله: "والناس إذا ماتوا يبعثون" قصد بهذا رحمه الله بيان وجوب


١ سورة آل عمران، الآية: ١٨٥.
٢ أخرجه الترمذي: "٥/٣٤٤"، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي": "٣/٩٩". وانظر: "تفسير ابن كثير": "٧/٨٧".
٣ "تفسير ابن كثير": "٧/٨٧"، و"فتح الباري": "٨/١٤٦"، و"السيرة" لابن كثير: "٤/٤٧٨". والآية من سورة آل عمران، رقم: ١٤٤.

<<  <   >  >>