للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطاغوت أحسن تعريف. والطاغوت في الأصل مشتق من الطغيان وهو مجاوزة الحد، فكل من يتجاوز الحد الذي يحد له يعتبر في اللغة طاغوتاً، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} ١. وكلمة طاغوت من أبنية المبالغة مثل الجبروت والملكوت. أما تعريفه المقصود فكما قال ابن القيم رحمه الله: "كل ما تجاوز به العبد حده"، ومعنى كل ما تجاوز به حده، أي: تعدى به العبد قدره الذي ينبغي له في الشرع فهو طاغوت، "من معبود" يعني: سواء كان هذا التعدي بكون هذا الإنسان عبد من دون الله فصار معبوداً فمن صرف له شيء من أنواع العبادة وهو مقر بذلك وراض به فإنه طاغوت؛ لأنه تجاوز حده وقدره في الشرع؛ لأن حده في الشرع أن يكون عابداً لله تعالى لا أن يكون معبوداً فإذا رضي أن يكون معبوداً فقد تجاوز حده، "أو متبوع" هذا يدخل فيه الكهان والسحرة الذين يتبعون فيما يقولون. كما يدخل في هذا علماء السوء الذين يدعون إلى الكفر أو الضلال أو إلى البدع أو يزينون للحكام الخروج عن شريعة الإسلام والاستعاضة عنها بالقوانين الوضعية فهؤلاء كل واحد منهم يصدق عليه أنه طاغوت؛ لأنه تجاوز حده، وهذا التجاوز في كونه متبوعاً يشرع، "أو مطاع" هذا يدخل فيه الحكام والأمراء الخارجون عن طاعة الله تعالى، الذين يحرمون ما أحل الله، أو يحلون ما حرم الله، فهم بهذا المعنى طواغيت؛ لأنهم تجاوزوا حدهم بكونهم هيأوا أنفسهم لأن يطاعوا في غير طاعة الله تعالى. هذا معنى التعريف الذي ذكره ابن القيم.


١ سورة الحاقة، الآية: ١١.

<<  <   >  >>