للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والحنيفية: هي ملة إبراهيم، وملة إبراهيم هي الحنيفية، ولهذا جمع المصنف رحمه الله بينهما وأصل الحنيفية مأخوذ من الحنف، والحنف معناه: الميل، فالحنيف: هو المائل عن الشرك قصداً وإخلاصاً إلى التوحيد، والحنيف هو المقبل على الله سبحانه وتعالى المعرض عن كل ما سواه، قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً} ١، والقانت: هو الخاشع المطيع٢.

أما الملة: فهي بمعنى الدين، وهي اسم لكل ما شرعه الله سبحانه وتعالى لعباده على ألسنة أنبيائه.

قوله: "أن تعبد الله مخلصاً له الدين" هذا بيان لحقيقة ملة إبراهيم فهو خبر "أن" في قوله: "أن الحنفية ملة إبراهيم"، فـ"أن" وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر "أن"، والتقدير: اعلم أن الحنيفية ملة إبراهيم عبادة الله تعالى وحده بإخلاص.

وأصل العبادة: التذلل والخضوع، تقول العرب: طريق معبد، أي: مذلل، مهيأ لسلوك الناس. قال العلماء: وسميت الوظائف التي طلبها الله تعالى من المكلفين عبادات؛ لأنهم يلتزمونها ويفعلونها متذللين خاضعين لله سبحانه وتعالى.

وأما معناها الذي يبين متعلقاتها، فهو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية


١ سورة النحل، الآية: ١٢٠.
٢ انظر: "تفسير ابن كثير": "٤/٥٣٠".

<<  <   >  >>