للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومعنى يعبدون يوحدوني. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأجل أن يأمرهم بالعبادة، فمنهم من أطاع وأذعن فعبد الله، ومنهم من عصى وعاند فأشرك مع الله غيره.

والجن: عالم غيبي قائم بذاته، يختلف عن الإنس؛ لأنه مخلوق من نار والإنس مخلوق من طين، قال تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} ١ سموا جناً لاجتنانهم، أي: استتارهم عن العيون، واجتماع الجيم مع حرف النون في لغة العرب يدل على الستر، قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} ٢.

والإنس: البشر، الواحد "إنسي" سموا بذلك لأن بعضهم يأنس ببعض، والإنس الطمأنينة٣.

قوله: "ومعنى يعبدون يوحدوني" هذا تفسير لمعنى العبادة في الآية الكريمة، فمعنى "يعبدون، أي: يفردونني بالعبادة، والإفراد بالعبادة معناه: التوحيد. وقد ورد في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك" ٤، فهذا حديث يدل على أن الوظيفة التي أنيطت بهذا المكلف:


١ سورة الرحمن، الآيتان: ١٤، ١٥.
٢ راجع كتاب "عالم الجن والشياطين" للدكتور عمر الأشقر، والآية من سورة الأعراف رقم٢٧.
٣ "لسان العرب": "٦/١٠".
٤ أخرجه أحمد: "١٦/٨٦٨١"، والترمذي: "٤/٢٤٦٦". وصححه أحمد شاكر.
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي": "٢/٣٠٠"، وقد وقع عند الترمذي: "ملأت يديك شغلاً"، وفي معناه حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، أخرجه الحاكم: "٤/٣٢٦"، والطبراني: ٢٠/٥٠٠".

<<  <   >  >>