للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً

ــ

اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ١ ويكون معنى قوله سبحانه: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} ، أي في تتمة أربعة أيام لا أنها أربعة أيام مستقلة عن اليومين الأولين وإلا لكانت الأيام ثمانية٢.

والظاهر أن هذه الأيام التي نعرف؛ لأن الله تعالى ذكرها منكرة. فتحمل على ما كان معروفاً. ولو شاء تعالى لخلقها في لحظة، ولكنه ربط المسببات بأسبابها كما تقتضيه حكمته سبحانه وتعالى٣.

وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ، أي: علا وارتفع. والعرش هو ذلك السقف المحيط بالمخلوقات. وفي الآية إثبات استواء الله على عرشه على ما يليق بجلاله وعظمته. وأدلة علو الله على خلقه واستوائه على عرشه أكثر من أن تحصر. وأجمع المسلمون على ذلك.

وقوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} ، أي: يغطي كل واحد منهما الآخر فيذهب ظلام هذا بضياء هذا، وضياء هذا بظلام هذا وكل منهما يطلب الآخر طلباً {حَثِيثاً} ، أي: سريعاً لا يتأخر عنه بل إذا ذهب جاء هذا. وإذا جاء هذا ذهب هذا.


١ سورة فصلت، الآيات: ٩-١٢.
٢ انظر: "التوحيد" لابن منده: ١/١٨٦"، و"تفسير ابن كثير": "٧/١٥٥" و"أضواء البيان": "٧/١١٦".
٣ انظر: "تفسير ابن كثير": "٣/٤٢٢"، و"شرح ثلاثة الأصول" لابن عثيمين: "ص٤٤".

<<  <   >  >>