قوله:"اعلم رحمك الله"، هذا دعاء من المصنف رحمه الله لك أيها القارئ يدل على محبته لك وشفقته عليك وأنه راغب في حصول الخير لك، والشيخ رحمه الله يستعمل مثل هذه العبارة كثيراً، يقول:"اعلم رحمك الله"، "اعلم أرشدك الله لطاعته"، "أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة".
وكلمة "اعلم" يؤتى بها من باب التنبيه وحث السامع على أن يصغي لما سيقال، فهي أمر بتحصيل العلم والتهيؤ لما سيلقى إليك من العلوم.
ولهذا ينبغي للمتكلم إذا تحدث أمام الناس أن يستعمل معهم بين حين وآخر العبارات التي تشد أذهانهم معه؛ لأن السامع بطبيعته يحتاج إلى ما يحرك ذهنه ويثير انتباهه، ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرح السؤال بين حين وآخر على الصحابة:"ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ "، "أتدرون ماذا قال ربكم؟ "، "أتدرون ما الغيبة؟ "، والقصد من هذا أن السامعين يستعدون لسماع ما سيقال لهم، وهذا يعتبر من باب اختيار المقدمات المناسبة للكلام.
وقوله:"رحمك الله" جملة خبرية لفظاً، إنشائية معنى؛ لأن المراد بها الدعاء للمتعلم بالرحمة، أي: غفر الله لك ما مضى من ذنوبك ووفقك وعصمك فيما يستقبل، هذا إذا أفردت الرحمة، وإذا قرنت بالمغفرة: فالمغفرة لما مضى، والرحمة لما يستقبل بالتوفيق للخير والسلامة من الذنوب.