للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصل ١ فمن كتبت عليه الشقاوة فلا يسير إلا لها، ولا يعمل إلا بها. قال تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} ٢ فهذه هي الإرادة الكونية، وهي لا تعارض الإرادة الدينية التي هي الأصل في إيجاد المخلوقات ٣ مع بقائه مختاراً مدركاً للأشياء. ومن كان هذا وصفه فلا ينالها، لأن الله تعالى ليس له شريك في الملك، كما أنه ليس له شريك في استحقاق العبادة – بل هو المختص بها، ولا تليق إلا بجلاله وعظمته، فلا إله إلا هو وحده لا شريك له. ولهذا جسم جل وعلا مادة الشفاعة عن كل أحد بغير إذن الإله وحده، فلا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، لا ملك ولا نبي ولا غيرهما لأن من شفع عند غيره بغير إذنه فهو شريك به في حصول ذلك المطلوب لتأثيره فيه


١ في هامش الأصل ما نصه – أقول: في هذا الكلام شيء ساقط وخلل، والذي يوضح المراد من هذين الأصلين قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: "الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة تتعلق بالأمر، وإرادة تتعلق بالخلق. فالإرادة المتعلقة بالأمر أن يريد من العبد فعل ما أمره، وأما أرادة الخلق فأن يريد ما يفعله. هو فإرادة الأمر هي المتضمنة للمحبة والرضا، وهي الإرادة الدينية. والإرادة المتعلقة بالخلق هي المشيئة وهي الإرادة الكونية القدرية. ذكره شيخ الإسلام في المنهاج.
٢ سورة هود آيتا ١١٨، ١١٩.
٣ كرر قوله أن الإرادة الدينية هي الأصل في وجود المخلوقات، والمتبادر أن الإرادة الكونية هي في الإيجاد والتكوين. وإنما المراد بالإرادة الدينية التكليف. ولعله يقصد العلة الغائية لخلق المكلفين أخذاً من قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

<<  <   >  >>