وأما دعاء الله عزوجل للغير فقد مضت السنة أن الحي يطلب منه سائر ما يقدر عليه، ودعوة المسلمين بعضهم لبعض مستحبة قد وردت بها الآثار الصحيحة في مسلم وغيره، فإن كانت للميت فهي آكد. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف على القبر بعد الدفن فيقول:"اسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل" فالميت أحوج بعد الدفن إلى الدعاء، فإذا قام المسلمون على جنازته دعوا له لا به، وشفعوا له بالصلاة عليه لا استشفعوا به، فبدل أهل الشرك والبدع قولا غير الذي قيل لهم، بدلوا الدعاء له بدعائه ثانيا عنهم كان أو قريباً، والاستغاثة به والهتف باسمه عند حلول الشدة. وتركوا من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه. وقصدوها بالزيارة التي شرعها رسول الله صلى الله عليه وسلم إحساناً إلى الميت، وتذكيراً بالآخرة، فبدلوا ذلك بسؤال الميت نفسه، وتخصيص تلك البقعة بالدعاء الذي هو مخ العبادة، وحضور القلب وخشوعه عندها أعظم منه في الصلاة والمساجد ووقت الإحسان.
وإذا شرع الدعاء لسائر المؤمنين فالنبي صلى الله عليه وسلم أحق الناس بأن يصلى ويسلم عليه،