للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعث الله نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتما للنبيين وجعل رسالته خاتمة الرسالات، فكانت الدعوة إلى التوحيد أول أمرها وأعظم مقصودها ومفتاح الدخول إليها، وعنيت به أعظم عناية، فكانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها دعوة إلى التوحيد وجهادا في سبيله حتى بنى تلك القاعدة المتينة الراسخة من أصحابه رض الله عنهم في مكة قبل هجرته إلى المدينة ثم في المدينة بعد الهجرة، فآمنوا بها بصدق وحملوها بجد وتلقوا كل التكاليف بعد ذلك وهم في غاية الامتثال والخضوع والمحبة والطاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وبذلوا أموالهم وأنفسهم رخيصة في سبيل الله حتى دخل الناس في دين الله أفواجا، وبلغت هذه الدعوة أرجاء المعمورة، وشهد التاريخ منهم ما لم يشهده من قبل ولن يشهده من بعد، وأتت تلك الدعوة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلال الفترة المكية ثمارها اليانعة في المدينة، فجنى المؤمنون ثمارها إلى يومنا هذا وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وسأذكر فيما يلي نبذة عن دعوته عليه الصلاة والسلام في مكة وطبيعة هذه الدعوة وموقف المشركين منها.

وقد سبق الكلام بالتفصيل عما كانت عليه الحال في جزيرة العرب قبل بعثته صلى الله عليه وسلم وتاريخ الشرك فيها، وأن جزيرة العرب وبما فيها قريش التي كانت لها ولاية البيت وضيافة الحجيج، كانت فيها صور شتى من الشرك من عبادة الأصنام والأوثان من أشجار وأحجار وعبادة الكواكب والنار، وديانة يهودية ونصرانية، مع وجود بقايا للحنفية ملة إبراهيم عليه السلام، وإن كانت الأصنام والأوثان تحتل المقام الأول عندهم، إلا أن جميع هذه

<<  <   >  >>