للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم]

كانت الحال وقت بعثته صلى الله عليه وسلم امتدادا لتلك الحال التي كانت تعيشها جزيرة العرب ومن حولها، والتي أشرت إليها في المبحث السابق، بل زادت على ذلك حيث استحكم الشر وتغلغل الشرك والضلال وسرى الفساد، فوثنية جائرة ظالمة تتخذ الأحجار والأشجار آلهة مع الله، تدعوها وتحتكم إليها وتتقرب لها، ودهرية زنادقة لا يعرفون غير شهواتهم وأهوائهم، لا يؤمنون بشيء غير ما يرونه في هذه الحياة الدنيا، ومسيحية ضالة تقول على الله ما لم يقله أحد، وتتخذ رهبانها أربابا من دون الله تعالى، ويهودية ماكرة، مخادعة لا تعرف غير الغدر والخيانة، والاستغراق في جمع المادة من أي طريق وبأي وسيلة تتعالى على الناس وتحتقرهم، وعباد كواكب يعتقدون فيها التأثير في الكون، وجلب النفع ودفع الضر.

وغير هذا من الشرك والكفر التي بلغ غايته ومنتهاه والناس مشتتون ممزقون بين هذه الأهواء والضلالات، كل حزب بما لديهم فرحون.

وإلى جانب هذا الضلال المبين ذلك الانحراف والفساد الخلقي والاجتماعي من القتل والنهب والسلب وارتكاب الفواحش والمنكرات وشرب الخمور ووأد البنات وغير ذلك من الفساد الذي استحقوا به مقت الله وغضبه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "اعلم أن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق على فترة من الرسل، وقد مقت١


١ المقت: أشد البغض.

<<  <   >  >>