للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهل الأرض عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب ماتوا أو أكثرهم قبيل مبعثه، والناس إذ ذاك أحد رجلين: إما كتابي معتصم بكتاب إما مبدل وإما منسوخ، ودين دارس، بعضه مجهول، وبعضه متروك، وإما أمي من عربي وعجمي، مقبل على عبادة ما استحسنه، وظن أنه ينفعه: من نجم أو وثن أو قبر أو تمثال أو غير ذلك، والناس في جاهلية جهلاء، من مقالات يظنونها علما وهي جهل، وأعمال يحسبونها صلاحا وهي فساد، وغاية البارع منهم علما عملا، أن يحصل قليلا من العلم الموروث عن الأنبياء المتقدمين قد اشتبه عليهم حقه بباطله١.

وأخرج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه بسنده عن عياض بن حمار المجاشعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته وذكرها وفيها: "وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليكم كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظانا" ٢ ثم ذكر بقية الخطبة.

ولقد كانت تلك الفترة التي سبقت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فترة اختلطت فيها العقائد والأهواء والتبس الدين الحق على الناس، فتاهوا في الضلال وغرقوا في بحور الجهل، وبلغت مشاكل الناس حدا عجزت أماه كل الثقافات والعادات والأعراف عن حلها، وأصبحوا في أمس الحاجة إلى من ينقذهم


١ ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم ١/٦٣ ت د. ناصر عبد الكريم العقل.
٢ صحيح مسلم بشرح النووي ١٧/١٩٧-١٩٨.

<<  <   >  >>