من هذا الهلاك الذي يحبط بهم ويأخذ بأيديهم إلى سبيل النجاة بعد ما أخذ منهم الباطل كل مأخذ، فأينما يممت وجدت الضلال والجهل ضارباً أطنابه، والناس سكارى يتخبطون في ذلك الظلام الحالك، الذي خيم عليهم، فهم أحوج ما يكونون إلى نور يهتدون به إلى السبيل القديم الذي يخرجهم من الظلمات إلى النور.
وهذه سنة الله في خلقه إذ يسبق الفرج استحكام الضيق والكرب، ويسبق النور حلكة الظلام، ويسبق النصر شدة تبلغ بالقلوب الحناجر، وكلما اشتد الأول كان للثاني قوته ووقعه وقيمته، وبينما الناس يتجرعون هذا كله، إذ الفرج والنور والنصر يطل عليهم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ محمد خليل هراس:"وبينما البشر على حالتهم هذه قد غرقوا في بحر لجي من الظلمات المتراكمة إذا بالنور المحمدي يشرق من مكة فيملأ الكون هدى وضياءً، سطع نور خاتم الرسل والأنبياء صلى الله عليه وسلم لينقذ البشر من هذا الجحيم الذي أججوه لأنفسهم ثم ألفوا العذاب فيه، ويقيهم من التردي في مجاهل الانحطاط البشري البهيمي، ويرشدهم إلى السبيل السوي للحياة يهديهم سبل السلام بإذن الله تعالى ويوضح لهم أسباب السعادة كاملة دنيا وأخرى "١.
وشب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاش عمره ما قبل الأربعين في قومه مشهورا بينهم بالصدق والأمانة، لم يصبه شيء من دنس الجاهلية التي كان يغرق