[المبحث الرابع: منهج الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى التوحيد]
سبق الكلام عن الحالة التي وصلات إليها جزيرة العرب قبيل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بلغته من انحطاط عقدي وخلقي واجتماعي، حتى مقت الله تعالى أهل الأرض عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، ثم تدارك من شاء منهم برحمته إذ بعث نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا، فهدى به من شاء هدايته فأخرجهم من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى ومن الغي إلى الرشاد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وبلغ رسول الله عليه الصلاة والسلام دعوة ربه كما أمره ربه وجاهد في سبيله حق الجهاد حتى أتاه اليقين وانتشرت هذه الدعوة في العالمين، وربى عليها أصحابه رضي الله عنهم في مكة ثلاث عشر سنة ثم في المدينة فكانوا خير من حمل لواء هذه الدعوة دعوة التوحيد وبلغوها إلى الناس وجاهدوا في سبيلها وحموا حماها يقودهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعده خلفاؤه الراشدون الذين أوصى عليه الصلاة والسلام باتباع هديهم، واقتفاء أثرهم، وكذلك سائر الصحابة جاهدوا في سبيل هذه الدعوة ونشرها والدفاع عنها وحمايتها من كل شك وشرك كما علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورباهم.
وفيما يلي سأتحدث عن المنهج الذي نهجه رسول صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة وترسيخ هذا النوع من التوحيد في نفوس الأمة، وتحصينها من الوقوع فيما يناقضه أو يخالفه، إذ هو أول واجب