للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثا: وثمرة ثالثة من أهم ثمار هذه الدعوة في مكة وهي: أن هذا التوحيد أول واجب على المكلف، ولولا ذلك لما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الوقت كله وهذا الجهد كله في أول عمر هذه الدعوة في دعوة الناس إلى ذلك، ولولا ذلك لما مرت تلك الفترة في مكة لم يؤمر المؤمنون بأمر ولم يكلفوا بتكليف غير أمر التوحيد والعقيدة، إلا فريضة الصلاة في أواخر هذه الفترة١.

ولو كان غير هذا الأمر أولى بالدعوة والإصلاح منه لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إليه، فلقد بعث والناس في حال يرثى لها من الفساد والانحطاط الخلقي والاجتماعي والسياسي، ولوجد أنصارا كثيرين لو اتجه لإصلاح هذه المفاسد في ذلك المجتمع، ولكن ذلك لا يخرج الناس من ظلم ولا يخرج منهم رجالا تقوم عليهم رسالة للعالمين٢.

ولأهمية هذا الأمر كان أول ما دعا إليه الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وكان أول ما يطلب من العبد، وهو أول ما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به رسله من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا إلا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" ٣


١ انظر: كتاب مصرع الشرك والخرافة – خالد علي الحاج ص ١٦٣.
٢ انظر: كتاب منهج القرآن في تربية المجتمع، د. عبد الفتاح عاشور ص ١٤٩.
٣ البخاري مع الفتح ١/٤٩٦، ١٩٧، ومسلم بشرح النووي ١/٢٠٦.

<<  <   >  >>