والقرآن كله اشتمل على هذه الأنواع وبينها في أكثر من سورة، بل القرآن توحيد كله، فهو إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته، وهذا هو التوحيد العلمي الخبري الذي يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات، وإما دعوة إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له والأمر بصرف العبادة له دون ما سواه، وهذا هو التوحيد الطلبي الإرادي الذي يتضمن توحيد الألوهية والعبودية، أو بيان حقوق التوحيد، وإكرام أهله وثوابهم، وأخبار الشرك وأهله وبيان جزائهم وعقابهم.
ومن العلماء من كتب في ذلك واستنبطه وبينه ونص على هذه الأنواع، ومنهم أبو جعفر الطحاوي المتوفي سنة ٣٢١هـ الذي بين عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه، أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني فقال:"نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله ولا شيء يعجزه، ولا إله غيره"١.
وهذا الذي ذكره يشمل أنواع التوحيد الثلاثة فقوله:"لا شيء مثله": أي في أسمائه وصفاته.
وقوله:"ولا شيء يعجزه "أي في ربوبيته، وهذا توحيد المعرفة والإثبات.
وقوله:"ولا إله غيره"أي في ألوهيته، وهذا هو توحيد القصد والطلب.