للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} ١.

ومثل فرعون كل الملاحدة والدهريين، فهم في قرارة أنفسهم يعترفون بأن الله ربهم وخالقهم، ولكنهم يغالطون ويكابرون هذه الحقيقة، فمعرفة الله تعالى مستقرة في الفطر، ولم يعرف عن أحد من الطوائف أنه قال: إن للعالم صانعين متماثلين في الصفات والأفعال، والثنوية من المجوس، والنصارى القائلون بالتثليث مع ما في قولهم من الكفر لم يقولوا بالتساوي بين الآلهة، فالمجوس لا يسوون بين النور والظلمة، فالنور هو الأصل عندهم وهو الذي سيغلب في النهاية، والنصارى لا يقولون بتساوي الأقانيم الثلاثة، بل متفقون على أن صانع العالم واحد، ويقولون: باسم الابن والأب وروح القدس إله واحد٢.

والقرآن قد بين أتم بيان وأقطع حجة أن الله تعالى هو وحده الخالق المالك المدبر رب كل شيء ومليكه كما سبق ذكره في الآية السابقة وهي

قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُون عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ٣.


١ الآية ٩٠، ٩١ من سورة يونس.
٢ انظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص ٨٠، ومدارج السالكين لابن قيم الجوزية ١/٦٢، ودعوة التوحيد لخليل الهراس ص ٣٣.
٣ الآيتان ٩١، ٩٢ من سورة المؤمنون.
٤ الآيتان ٢١، ٢٢ من سورة الأنبياء.

<<  <   >  >>