للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولا: النهي عن الغلو والإطراء

الغلو أصل كل شر وبلاء في الدين، فهو أصل الشرك والانحراف الذي صار طريق كل هالك وسبيل كل ضال، والإطراء باب من أبوابه ووسيلة من أعظم وسائله، فالغلو هو الذي كان سببا في وقوع الشرك في الأرض بعد أن لم يكن، ثم صار بعد أساس كل شرك يقع في كل زمان ومكان،

فهو سبب كفر النصارى، وشركهم الذين قال الله عنهم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} ١.

ولهذا حذر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته من ذلك، ومن كل وسيلة قد توصل إليه خوفا على أمته وحماية لجناب التوحيد، فنهاهم عن الغلو في الدين وحذرهم منه، وعن إطرائه أو تجاوز الحد في مدحه والثناء عليه، لئلا يقعوا فيما وقع فيه غيرهم، فكان سبب هلاكهم، فذم التنطع وحذر منه وهو أول سهم من سهام الغلو، فقال صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون" ٢ قالها ثلاثا.

وكان صلى الله عليه وسلم لا يحب المتعمقين، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم فقال رجل من المسلمين: إنك تواصل يا رسول الله، قال: "وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقين".


١ الآية ١٧١ من سورة النساء.
٢ صحيح مسلم بشرح النووي ١٦/٢٢٠.

<<  <   >  >>