للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقول الآخر: من اطلع على ذرة من علم التوحيد ضعف عن حمل بقة لثقل ما حمله.

وقول أحدهم: علامة حقيقة التوحيد نسيان التوحيد.

وغير ذلك من الأقوال الضالة التي لا يقرها شرع ولا عقل١.

وبعد هذا العرض اليسير لمفاهيم بعض الفرق الطوائف الضالة في معنى التوحيد وكيف زلت أقدامهم وانحرفت أفهامهم عن المعنى الحق للتوحيد الحق لله رب العالمين، تبين لنا مما سبق أن السبب الأول في ذلك الزيغ عن الحق إنما حصل لهم بسبب أعراضهم عن كتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وتقديمهم عقولهم على هذين الأصلين العظيمين اللذين عما النجاة من الضلال والملاذ والمرجع عند الانجراف والاختلاف. وكذلك تأويل النصوص تأويلات باطلة ناتجة عن أفهام سقيمة معوجة ظنوا أنها هي الحق الذي لا يجوز العدول عنه، فكانوا كما قال الله جل شأنه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ٢ وكثير منهم من أقر بذلك واعترف عند موته.

قال ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى عن ضلال هؤلاء وانحرافهم: "وإذا تأمله العارف وجده كلحم جمل غث، على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقى فيطول عليك الطريق، ويوسع لك العبارة،


١ انظر كتاب التصوف بين الحق والخلق لمحمد فهر سقفة ص ٥٣ن ٥٤.
٢ الآية ٣٩ من سورة النور.

<<  <   >  >>