للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عوض الله نبيه نوحاً بأن جعل في ذريته إبراهيم عليهما السلام النبوة والكتاب، فما بعث نبي إلا وهو من ذريتهما قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} ١.

قال ابن كثير رحمه الله عند تفسير هذه الآية: "يخبر الله تعالى أنه منذ بعث نوحاً عليه السلام لم يرسل بعده رسولاً ولا نبياً إلا من ذريته، وكذلك إبراهيم عليه السلام خليل الرحمن لم ينزل كتاباً ولا أرسل رسولاً ولا أوحى إلى بشر من بعده إلا هو من سلالته، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} ٢، حتى كان آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى بن مريم الذي بشر من بعده بمحمد صلوات الله وسلامه عليهما"٣.

وهكذا من ترك شيئاً لله تعالى عوضه الله خيراً منه، والولاء لله تعالى مطلوب من كل مؤمن، والبراءة من كل كافر ومشرك مطلوب ولو كان أقرب الناس إليه، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ


١ الآية (٢٦) من سورة الحديد.
٢ الآية (٢٧) من سورة العنكبوت.
٣ الحافظ ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ٤/ ٣١٥.

<<  <   >  >>