للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحين رأى السحرة ذلك علموا يقيناً أن ذلك ليس من صنع البشر ولا من صنع موسى، وإنما هو من الله وحده، عندها أعلنوا إسلامهم لله تعالى وتوحيدهم له وحده لا شريك له، وإيمانهم به، وإذا هم ينتقلون هذه النقلة الكبيرة العظيمة من عبودية فرعون لا إلى عبودية موسى، ولكن إلى عبادة رب موسى سبحانه الذي رأوا آياته تجري على يد موسى عليه السلام، وأعلنوا ذلك على فرعون ومن معه بعد أن خروا ساجدين لله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} ١. وجن جنون فرعون، إذ جاءته الهزيمة من حيث أراد النصر، وقبل أن يتهدد ويتوعد يعلن السحرة تحديهم لذلك وثباتهم أمامه.

قال ابن عباس وعبيد بن عمير: "كانوا أول النهار سحرة، وآخره شهداء بررة"٢.

قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوَىً قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى


١ الآيات من (٤٦ – ٤٨) من سورة الشعراء.
٢ ابن كثير: البداية والنهاية ١/ ٢٤٢.

<<  <   >  >>