[وفاة الإمام محمد بن عبد الوهاب]
توفي شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب عن عمر يناهز اثنتين وتسعين سنة عام ١٢٠٦، بذل جهده طيلة ذلك العمر في طاعة مولاه والاستعداد ليوم المعاد والدعوة إلى الله عز وجل. وقد رثي بمراثي كثيرة نقتصر منها على مرثيتين: إحداهما لحسين بن غنام، والثانية للإمام الشوكاني.
قال ابن غنام:
إلى الله في كشف الشدائد نفزع ... لقد كسفت شمس المعارف والهدى
إمام أصيب الناس طرا بفقده ... وأظلم أرجاء البلاد لموته
شهاب هوى من أفقه وسمائه ... وكوكب سعد مستنير سناؤه
وصبح تبدى للأنام ضياؤه ... لقد غاص بحر العلم والفهم والندى
فقوم جلا عنهم صدا الدين فاهتدوا ... وقوم ذوو فقر وجهد وفاقة
لقد رفع المولى به رتبة الهدى ... أبان له من لمعة الحق لمعة
سقاه غير الفهم مولاه فارتوى ... فأحيا به التوحيد بعد اندراسه
فأنوار صبح الحق باد سناؤه ... وليس إلى غير المهيمن مفزع
فسالت دماء في الخدود وأدمع ... وطاف بهم خطب من البين موجع
وجل بهم كرب من الحزن مفظع ... ونجم ثوى في الترب واراه بلقع
وبدر له في منزل اليمن مطلع ... فداجى الدياجي بعده متقشع
وقد كان فيه للبدية مرتع ... فأسماعهم للحق تصغى وتسمع
حووا واقتنوا ما فيه للعيش مطمع ... بوقت به يعلى الضلال ويدفع
أزيل بها عنه حجاب وبرقع ... وعام بتيار المعارف يقطع
وأقوى به من مظلم الشرك مهيع ... ومصباحه عال ورياه ضيع