للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتأخرين الذين حاولوا أن يرقعوا بها فساد القول بالفداء كفارة عن الخطايا١.

ثالثاً: أن كلام النصارى في الخطيئة التي رفعها المسيح عليه السلام بموته المزعوم على الصليب كلام مضطرب، ولا ينصون في كلامهم على الخطيئة التي كفرها المسيح في كل مقام٢.

رابعاً: أن المراد من كون المسيح كفارة للخطايا أحد أمرين:

أحدهما: تكفير خطايا الناس التي اقترفوها في الماضي، أو التي سيقترفونها في المستقبل، وكلاهما باطل.

أما الخطايا الماضية فلا تستحق هذا الفداء الإلهي في زعمهم، وقد كان يتم تكفيرها بالتوبة والقربان لدى اليهود قبلهم وكان كافيا.

أما الخطايا المستقبلة فلا يستطيع النصارى أن يزعموا أن صلب المسيح مكفر لها لأن ذلك يعنى إباحتها، وعدم ترتب العقوبة على ذنب من الذنوب مهما عظم، وفي هذا إبطال لدعوة المسيح ودعوة الحواريين وبولس إلى تنقية النفس من الآثام والخطايا وفتح للإباحية والفجور والكفر. مع العلم أن تكفير الخطايا إذا أطلق لا يراد به سوى ما وقع فيه الإنسان من


١ الذي يبدو أن أول من ذكر أن الخطيئة التي كفرها المسيح هي خطيئة آدم التي ورثها ابناؤه في زعمهم هو أغسطينوس المتوفي عام ٤٣٠م، وقد بني قوله على كلام بولس الذي يقول فيه "بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم" وقد عارضه في ذلك الوقت بيلاجيوس الإيرلندي، وأنكر أن خطيئة آدم ورثها أبناؤه بل كل إنسان خطيئته تخصه وحده وتقع عليه وحده. وبعد نقاش وجدال طويل تدخل إمبراطور بيزنطه وأصدر مرسوماً يدين بيلاجيوس ويأمر بنفي من ينادي بتعاليمه، وهكذا ثبتت مقولة اغسطينوس في مسألة خطيئة آدم. انظر تاريخ الكنيسة لجون لوريمر (٣/٢٠١-٢٠٧) .
٢ انظر: المسيحية الأصيلة ص ١١٦-١٢٥.

<<  <   >  >>