للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} ١ فأخبر تعالى أنهم في النار مع كونهم من هذه الأمة.

وأما استدلاله بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} ٢ فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم المعنيون بهذه الآية، ومن كان مثلهم من أهل الإيمان لحق بهم، وأما الكفار والمشركون والمنافقون فهم أعداء الأمة الوسط في كل زمان ومكان، ولا يمكن أحد أن يزعم أنهم من الأمة الوسط إلا مثل هذا الجاهل الذي يقول ليس في الأمة كافر ولا مشرك ... ) ٣.

ويبين الشيخ عبد الرحمن بن حسن جانبا من البدع والشرك والضلال الذي وقع في هذه الأمة ... مثل المرتدين في عهد الصديق، والخوارج زمن علي بن أبي طالب والقدرية، والجهمية الجبرية، ودولة القرامطة، الذين وصفهم شيخ الإسلام بأنهم أشد الناس كفرا، والبويهيين، والعبيديين وغيرهم٤.

وأما استدلال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب بحديث " إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب "٥ على عدم وقوع الشرك في جزيرة العرب فقد أجاب على ذلك الاستدلال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين فكان مما قاله رحمه الله:

(قال ابن رجب على الحديث: أنه يئس أن يجتمعوا كلهم على الكفر الأكبر، وأشار ابن كثير إلى هذا المعنى عند تفسيره قوله تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} ٦ قال ابن عباس رضي الله عنه يعني يئسوا أن تراجعوا دينكم.

وأيضا ففي الحديث نسبة اليأس إلى الشيطان مبنيا للفاعل لم يقل أيس بالبناء للمفعول، ولو قدر أنه يئس من عبادته في أرض العرب إياسا مستمرا فإنما ذلك ظن منه وتخمين، لا عن علم، لأنه لا يعلم الغيب، وهذا غيب لا يعلمه إلا الله..، كما أن أكثر العرب ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكثير منهم رجعوا إلى الكفر وعبادة الأوثان، وكثير صدقوا مسيلمة في دعواه الكاذبة للنبوة، ومن أطاع الشيطان في نوع من أنواع الكفر فقد عبده، لا تختص عبادة الشيطان بنوع من الشرك، كما أن المصطفى صلى الله عليه وسلم


١ سورة البينة آية: ٦.
٢ سورة البقرة آية: ١٤٣.
٣ "مجموعة الرسائل والمسائل" ٢/٥٧، ٦١. وانظر: رسالة الشيخ عبد الرحمن بن حسن "التوحيد وطروء الشرك على المسلمين في مجموعة التوحيد" ص ٣٥٠-٣٥٨.
٤ انظر: "مجموعة الرسائل" ٢/ ٦٢- ٨٠.
٥ صحيح مسلم: كتاب صفة القيامة والجنة والنار (٢٨١٢) , وسنن الترمذي: كتاب البر والصلة (١٩٣٧) , ومسند أحمد (٢/٣٦٨ ,٣/٣١٣ ,٣/٣٥٤) .
٦ سورة المائدة آية: ٣.

<<  <   >  >>