للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أولا- فيما ادعوه بأن التوسل إلى الله بالموتى بمعنى الاستغاثة بهم، فقد أورد صاحب كتاب "التوضيح" هذه الدعوى ثم أبطلها من عدة وجوه، فكان مما قاله رحمه الله:

(فإن قيل يجوز أن يكون لفظ الاستغاثة بغير الله بمعنى التوسل، فمعنى قول المستغيث أستغيث برسول الله، وبفلان الولي أي أتوسل برسول الله أو بالولي الصالح، ويصح حينئذ أن يقال تجوز الاستغاثة في كل ما يطلب من الله بالأنبياء والصالحين بمعنى أنه يجوز التوسل بهم في ذلك ويصح لفظا ومعنى. الجواب أن هذا باطل من وجوه:

أحدها: أن لفظ الاستغاثة في الكتاب والسنة وكلام العرب، إنما هو مستعمل بمعنى الطلب من المستغاث به لا بمعنى التوسل، وقد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن الاستغاثة لا تجوز بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وقول القائل أستغيث به بمعنى توسلت بجاهه، هذا كلام لم ينطق به أحد من الأمم لا حقيقة ولا مجازا، ولم يقل أحد مثل هذا، ولا معناه لا مسلم ولا كافر.

الثاني: أنه لا يقال استغثت إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا، فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به، ولا يجعلون المستغاث به واحدا والمطلوب آخر، فالاستغاثة طلب منه لا به.

الثالث: أن من سأل الشيء، أو توسل به، لا يكون مخاطبا له ولا مستغيثا به؛ لأن قول السائل: أتوسل إليك يا إلهي بفلان، إنما هو خطاب لله، لا لذلك المتوسل به بخلاف المستغاث به، فإنه مخاطب مسئول منه الغوث فيما سأل من الله فحصلت المشاركة في سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله، وكل دعاء شرعي لا بد أن يكون الله هو المدعو فيه.

الرابع: أن لفظ التوسل والتوجه ومعناهما يراد به أن يتوسل إلى الله ويتوجه إليه بدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم عند خالقهم في حال دعائهم إياه، فهذا هو الذي جاء في بعض ألفاظ السلف من الصحابة رضوان الله عليهم.. وهذا هو الذي عناه الفقهاء في كتاب الاستسقاء في قولهم ويستحب أن يستسقى بالصالحين..)

.ويوضح الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الفرق بين التوسل والاستغاثة فيقول:


١ كتاب "التوضيح عن توحيد الخلاق" ص٣٠٧- ٣١٢ باختصار.

<<  <   >  >>