للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم لجدله. إذا عرف ذلك فالتوسل يطلق على شيئين فإن كان ابن حجر وأمثاله أرادوا سؤال الله بالرجل الصالح فهذا ليس في الشريعة ما يدل على جوازه، فإن كان أرادوا بالتوسل دعاء الميت والاستشفاع به فهذا هو شرك المشركين بعينه، والأدلة على بطلانه في القرآن كثيرة جدا) ١.

ويبين الشيخ عبد الرحمن بن حسن ضلال داود بن جرجيس حيث خلط بين التوسل إلى الله بالموتى وبين الاستغاثة بالموتى، فكان مما قاله الشيخ رحمه الله:

(فدخل عليه الضلال والخطأ من وجوه: منها أنها جعل المتوسل به بعد موته في دعاء الله مستغيثا به، وهذا لا يعرف في لغة أحد من الأمم لا حقيقة ولا مجازا مع دعواه الإجماع على ذلك، فإن المستغاث هو المسئول المطلوب منه لا المسئول به) ٢.

ويوضح الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن الفرق بين مسألة الله بجاه الخلق، ومسألة الخلق ما لا يقدر عليه إلا الله، فيقول:

(فاعلم أن مسئلة الله بجاه الخلق نوع، ومسئلة الخلق ما لا يقدر عليه إلا الله نوع آخر، فمسئلة الله بجاه عباده منعها أهل العلم، ولم يجزها أحد ممن يعتد به، ويقتدى به كالأئمة الأربعة، وأمثالهم من أهل العلم والحديث، إلا أن ابن عبد السلام أجاز ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وقيّده بثبوت صحة الحديث الذي جاء في ذلك وهو حديث الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ادع الله يا محمد.. الحديث. قال ابن عبد السلام إن صح الحديث فيجوز بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، والحديث في سنده من لا يحتج به عند أهل العلم كما لا يخفى على أهل الصناعة. - إلى أن قال الشيخ عبد اللطيف: وبالجملة فهذه المسألة نوع، ولا يخرج بها الإنسان عن مسئلة الله، وإنما الكلام في سؤال العباد وقصدهم من دون الله، فسؤال العباد والاستعانة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك جلي، ولو قال يا ولي الله اشفع لي فإن نفس السؤال محرم، وطلب الشفاعة منهم يشبه فول النصارى يا والدة الإله اشفعي لنا إلى الإله) ٣.

ويشير الشيخ السويدي ٤ إلى الفرقة بينهما فيقول:


١ "الدرر السنية" ٢/١١٢، ١١٣.
٢ "القول الفصل النفيس"، ص١٤٣.
٣"البراهين الإسلامية في رد الشبه الفارسية"، (مخطوط) المكتبة السعودية، رقم ٣٥٩/ ٨٦، ق ٤٨، ٤٩.
٤ هو محمد أمين السويدي، أحد علماء العراق، له عدة مؤلفات، توفي سنة ١٢٤٦هـ انظر: "المسك الإذفر" ص١٤٩.

<<  <   >  >>