للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المجالس اللغوية]

من مظاهر النشاط اللغوي في المدينة أن العلماء كانوا يعقدون المجالس اللغوية كما عقدوها للتفسير والحديث والفقه، ومن المجالس التي كانت تعقد للغة مجالس ابن عباس، وأبي الزناد، وابن هرمز، ومروان بن سعيد المهلبي وغيرهم.

وكانت العلوم الشرعية واللغوية تتداخل في تلك المجالس، قال عمرو بن دينار: "ما رأيت مجلساً قط أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس للحلال، والحرام، وتفسير القرآن، والعربية، والشعر، والطعام"١.

ونقدر أن علم العربية بفروعه المختلفة كغريب اللغة ولهجاتها ومسائل النحو كان يعرض في تلك المجالس.

ولما ارتقت علوم اللغة وقاربت النضج وبخاصة النحو ظهرت بعض المناظرات اللغوية والنحوية في تلك المجالس، أو في مجالس علية القوم كالخلفاء والأمراء٢والوزراء وغيرهم، كان ذلك في حواضر الدولة الإِسلامية الفتية كالمدينة والبصرة والكوفة وبغداد.


١ غاية النهاية ١/٤٢٦.
٢ من مجالس الأمراء في المدينة ما كان يقع في القرن الرابع في مجلس أميرها أبي أحمد العلوي العقيقي، ومن ذلك مسألة لغوية دار الحوار فيها في مجلسه سنة ٣٦٤ هـ وهي مسألة مدّ المقصور في كلمة "الغني" فقال بعضهم يجوز المدّ فيها فيقال. "الغناء" واستدل بقول الشاعر:
سيغنيني الّذي أغناك عني ... فلا فقر يدوم ولا غناء
فرد أبو الليل العلوي هذا الشاهد بأن روايته خلاف هذا، وأن الصّواب هو:
سيغنيني الّذي أغناك عنّي ... فلا فقري يدوم ولا غناك
تجنبت الذنوب لتصرميني دعى ... العلات واتّبعي هواك
ينظر: شذرات الذهب للغزّاوي ١٤٣.

<<  <   >  >>