كانت الملحوظات النحوية والإِرشادات والتنبيهات والأنظار تصدر مدّة من الزمن عن جماعة من المهتمين بالعربية في المدينة مشافهة، وتنتقل عن طريق الرواية والسماع، ولم تكن فكرة تأليف الكتب قد تبلورت في أذهانهم.
ولما تطورت العلوم في نهاية القرن الأوّل وبداية القرن الثاني، وأخذت تتكوّن معالمها كالتفسير والحديث والعربية بدأت فكرة تدوين ملحوظاتهم أو معارفهم في أوراق لحفظها، ولم تلبث أن تحولت هذه الفكرة إلى نوع من التأليف عند بعض العلماء.
وكان نحاة المدينة ولغويوها من السابقين إلى تأليف الكتب النحوية، وهي إن ضاعت من يد الزمن فليس ذلك لها وحدها، بل ضاعت كتب عيسى بن عمر ويونس بن حبيب والرؤاسيّ وغيرهم.
ولا نكاد نعرف عن مؤلفاتهم في اللغة والنحو إلا الشيء القليل، ومن هذا القليل ما وصل إلينا، ومنه ما فُقِد ولا نكاد نعرف عنه شيء، ومما وصل إلينا رسالة صغيرة في لغات القرآن، برواية ابن حسنون بإسناده إلى ابن عباس، وقد نشرها الدكتور صلاح الدين المنجد.