للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمِنْ جَدْيٍ١ ميْت يمرّ به في الطريق مع أصحابه يشبّه به الدنيا٢.

ومِنْ رَجُل يمرّ به في نَفَرٍ من أصحابه في نشاط وقوة مشمّراً عن ساعده للعمل فيسأل أصحابه عن رأيهم فيه ثم يوجههم بمناسبة ذلك، ورجلٍ آخر يَمُرُّ حسن الهيئة وأخر رثُّ الهيئة يتفاوتان في الإيمان والإخلاص، يسأل أصحابه عن رأيهم فيهما فيقوّمون حالهما بمظهرهما فقط، فيقول في الرجل قوي الإيمان الذي كان رثّ الهيئة: هذا خير من مِلْءِ الأرض مثل هذا٣.

ومن مناسبةٍ ليومٍ فاضلٍ أو شهرٍ أو أيامٍ أو عيدٍ أو آيةٍ تنزل أو حالةٍ تَحْصل أو قصة تقال أو فعلٍ صائب أو عملِ خيرٍ يفعله أحد أصحابه، أو خطأٍ يرتكبه أحد الناس إلى غير ذلك من المناسبات الداعية للتوجيه والتعليم والوعظ.

لقد كان حريصاً صلى الله عليه وسلم على الدعوة والتعليم والأمر بالمعروف والنهي عن


١ الجَدْيُ: الذَّكَرُ من أولاد الغنم يُنْظر: لسان العرب: باب الواو والياء من المعتل
فصل الجيم.
٢ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلاً مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ؛ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ " فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟! قَالَ: "أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ ". قَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ. فَقَالَ: "فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ"، مسلم: ٥٣-الزهد والرقائق ح٢٩٥٧.
٣ يُنْظر البخاري: ٦٧-النكاح، ١٥-باب الأكفاء في الدين الفتح: ٩/١٣٢.

<<  <   >  >>