للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا الحديث تربيةٌ على الفقه في الدين، ودعوة للفقه في الدين، فما أحرى المسلم أن يقف عند معنى هذه التربية، وهذه الدعوة: "مَنْ يُرِد الله به خيراً يفقّهْهُ في الدين".

إنه ينبغي للمسلم أن يسائل نفسه: ماذا يفقه من دينه؟ والفقه شيء نفيس ليس هو الحفظ، بل الحفظ شيء آخر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "ليبلِّغ الشاهد الغائب؛ فإن الشاهد عسى أن يُبلِّغ من هو أوعى له منه" ١.

والداعية إلى الإسلام هو أَولى المسلمين بالفقه في الدين، حتى يدعو إليه على بصيرة، ويعرف إلى ماذا يدعو الناس؟ وكيف يدعو الناس؟ وما هي الأولويات؟ وهل يتدرج في الدعوة؟ وأيّ أسلوب يعتمد في دعوته؟ فما أحوجه إلى أن يتعرف: هل رُزِق الفقه في الدين؟.

ما أكثر مَنْ يُحْسن الظن بنفسه، وهو لا يتجاوز وظيفة الحفظ فقط، وما أكثر مَنْ لا يعرف الفقه أصلاً، ولا يظنه غير الحفظ، أوْ لا يعرف الفقه إلا التمذهب بمذهب أحد الأئمة أو قراءة عبارات الفقهاء وحفظ آرائهم.

وما أحوج الداعية إلى أن يسلك هذا الأسلوب النبويّ في التربية على الفقه في الدين، فبالفقه يكون الخير للإنسان وللمجتمع.

وكثير من الدعاة قد يَجْمع الناسَ على عواطف فقط، قد تكون طيبة ولكنها لا تكفي، ولكنها ليست هي نصوص الدين، ولكنها ليست هي


١ أخرجه البخاري: ٣-العلم، ٩-باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رُبّ مبلَّغ أَوْعَى مِن سامعٍ" الفتح: ١/١٥٧-١٥٨.

<<  <   >  >>