للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه" ١- ما يَقْدر عليه، ويفعله وينتفع به، والأفضل له من الأعمال ما كان أنفع له، وهذا يتنّوع تنوّعاً عظيماً.

فأكثر الخلق يكون المستحب لهم ما ليس هو الأفضل مطلقاً، إذ أكثرهم لا يقدرون على الأفضل، ولا يصبرون عليه إذا قدروا عليه، وقد لا ينتفعون به بل قد يتضررون إذا طلبوه، مثل:

- من لا يمكنه فهم العلم الدقيق، إذا طلب ذلك فإنه قد يُفْسد عقله ودينه.

- أو من لا يمكنه الصبر على مرارة الفقر.

- أو لا يمكنه الصبر على حلاوة الغنى.

- أو لا يقدر على دفع فتنة الولاية عن نفسه، والصبر على حقوقها.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عزّ وجل: "إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك" ٢.


١ البخاري: ٨١-الرقائق، ٣٨-باب التواضع الفتح: ١١/٣٤٠.
٢ " إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ... " هذا جزء مِن حديثٍ ذكره في "كنز العمال ... " في حديث طويل في: ١/٢٣٠-٢٣١، حديث رقم ١١٦٠، وعزاه إلى: "ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء، والحكيم، وابن مردويه، ... ، وابن عساكر، عن أنس".
وذكره بنحو معناه في حديثٍ طويل أيضاً في: ١/٢٣٢، برقم ١١٦١، وفيه: "وربما سألني ولِيِّي المؤمن الغنى فأصرفه إلى الفقر، ولو صرفته إلى الغنى لكان شراً له ... "، وعزاه إلى الطبراني عن ابن عباس.
وفي "مجمع الزوائد: ١٠/٢٨٥، عن رافع ابن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا، كما يَظَلُّ أحدُكم يحمي سقيمَهُ الماءَ" وقال: رواه الطبراني، وإسناده حسن، ثم ذكره بلفظ آخر بنحوه عن عقبة بن رافع، وقال: رواه أبو يعلى، وإسناده حسن.
وفي المسند: ٥/٤٢٧: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا أبو سعيد، حدثنا سليمان، عن عمرو أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل ليحمي عبده المؤمن من الدنيا، وهو يحبه، كما تحمون مريضكم من الطعام والشراب تخافونه عليه ... "، وساقه في المسند بسند آخر في: ٥/٤٢٨.

<<  <   >  >>