للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما دلالة الإجماع على أنّ قراءة القرآن أفضل مِن الذكْر، فقد حكاه طائفة، ولا عبرة بخلاف جهال المتعبّدة.

وأما دلالة الاعتبار على أنّ قراءة القرآن أفضل مِن الذكْر: فإن الصلاة يجب فيها القراءة، فإنْ عجز عنها انتقل إلى الذكر، ولا يجزيه الذِّكرُ مع القدرة على القراءة، والمبدَل منه أفضلُ من البدل الذي لا يجوز إلا عند العجز عن المبدَّل.

وأيضاً فالقراءة يشترط لها الطهارة الكبرى، كما يشترط للصلاة الطهارتان، والذِّكْر لا يشترط له الكبرى ولا الصغرى؛ فعُلِم أن أعلى أنواع ذكر الله هو الصلاة، ثم القراءة، ثم الذِّكْر المطْلَق، ثم الذِّكر في الركوعِ والسجودِ أفضل بالنص والإجماع من قراءة القرآن.

وكذلك كثير من العُبّاد١ قد يَنْتفع بالذكر في الابتداء ما لا يَنْتفع بالقراءة؛ إذ الذكر يعطيه إيماناً، والقرآن يُعْطيه العلم، وقد لا يفهمه، ويكون إلى الإيمان أحوج منه، لكونه في الابتداء. والقرآن مع الفهم لأهل الإيمان أفضل بالاتفاق.

فهذا وأمثاله يُشْبه تنوع شرائع الأنبياء فإنهم متفقون على أن الله أمر كلاً


١ في المطبوع "العبادات"، والصواب ما أثبتُّ، وقد نبّهني، مشكوراً، إلى هذا أخي وشقيقي: د. عطا الله.

<<  <   >  >>