للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحق أنّ هؤلاء المستشرقين لا يفهمون حقيقة الوحي والنبوة، لذلك ضلوا ضلالاً بعيداً.

[تشريع للحاضرة والبادية]

وفي (ج٤) صفحة (٩٥٥) الفقرة الثانية قال: "لكسبِ التأييد الشعبي فإن محمداً صلى الله عليه وسلم لكونه تاجراً فقد انعكس ذلك على القوانين التي وضعها حيث وجّهها إلى سكان المدن لا البادية".

ونقول: إنّ التشريع الإسلامي ليس من محمد صلى الله عليه وسلم بل من الله تعالى على لسان نبيه محمد، وليس لمحمد في هذا التشريع إلا التبليغ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} [المائدة:٦٧] . وهذا الدين لا يُشَرِّع لطائفة دون طائفة، ولا للأغنياء فقط بل للناس جميعا بمختلف طبقاتهم وأجناسهم: الفقير والغني، الكبير والصغير، القوي والضعيف، العربي والأعجمي، الأبيض والأسود، الشرقي والغربي، على حد سواء {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ:٢٨] .

لقد جاء الإسلام بتشريع ينظّم حياة الإنسان بدءاً بالطهارة وكيفية الغسل، وانتهاء بتشريع العلاقات الدولية، وإنّنا لا ننكر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد اشتغل بالتجارة في شبابه وجرّبت خديجة مهارته وأمانته فيها (١) ، لكن هذا لا يعني أنّه من أجل ذلك أرسى قوانين تنظّم التجارة وتُوجَّه لسكان المدن وتُغْفِل ساكني البادية.


(١) البوطي، فقه السيرة، (٦٩-٧٠) .

<<  <   >  >>