للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومتأملاً في الله خالق الكون.

لقد عبد العرب المعاصرون له أرباباً كثيرة، بالغوا في التقرب إليها واسترضائها، وأقاموا لها العبادات، وقدموا لها الضحايا المختلفة.

وكان - كلما تقدم به العمر - ازداد اعتقاداً بفساد تلك الأرباب، وأن هناك إلهاً واحداً حقيقياً لجميع الناس والشعوب.

وقد ازداد إيمان محمد بهذه الفكرة، فقام يدعو أمته وأهله إلى فكرته، معلناً: أن الله اصطفاه لهدايتهم، وعهد إليه إنارة بصائرهم، وهدم ديانتهم وعباداتهم الباطلة، وراح يعلن عن عقيدته وديانته.

وخلاصة هذه الديانة التي نادي بها الرسول: هو أن الله إله واحد - لا إله إلاّ هو - ولذلك لا يجوز عبادة غيره وأن الله عادل ورحيم بعباده، وأن مصيره النهائي، متوقف عليه وحده، فمن آمن به فإن الله يأجره في الآخرة أجراً حسناً. وإذا ما خالف شريعة الله، وسار على هواه فإنه يعاقب في الآخرة عقاباً أليماً، وإن الله تعالى يأمر الناس بمحبة بعضهم بعضاً.

ومحبة الله تكون بالصلاة، ومحبة الناس تكون بمشاركتهم في السراء والضراء. وإن الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ينبغي عليهم أن يبذلوا وسعهم لإبعاد كل ما من شأنه إثارة الشهوات النفسية، والابتعاد عن الملذات الدنيوية، وإنه يتحتم عليهم ألا يخدموا الجسد ويعبدوه، بل عليهم أن يخدموا الروح ويهذبوها. ومحمد لم يقل عن نفسه إنه نبي الله الوحيد، بل اعتقد أيضاً بنبوة موسى وعيسى، وقال: "إن اليهود والنصارى لا يُكْرَهون على ترك دينهم".

<<  <   >  >>